بحث هذه المدونة الإلكترونية

الثلاثاء، 25 ديسمبر 2012

بحث مفهوم التقليد و أحكامه


المبحث الأول : مفهوم التقليد :

          المطلب الأول : تعريف التقليد في اللغة :

       مصدر قلد ، وهو مأخوذ من القلادة التي في العنق ، فيكون التقليد: هو ما جعل في العنق  وأحاط  به  ([1]). يقال قلد الشيء على الشيء لواه و أداره ([2])

      وقلده الأمر : ألزمه إياه ، وهو مثل بذلك ([3])، قال جلّ ثناؤه : ﴿ولا الهدي ولا القلائد ([4])، ومنه قول رسوله الكريم محمد صلى الله عليه وسلم ( قلدوها ولا تقلدوها الأوتار ) ([5])

ومن شعر العرب قول لقيط الأيادي :

          وقلدوا أمركم لله دركمُ           رحب الذراع بأمر الحرب مطلعاً([6])

 

المطلب الثاني : تعريف التقليد في الاصطلاح :

         هو عبارة عن إتباع الإنسان غيره فيما يقول أو يفعل ، معتقداً للحقيقة فيه ، من غير نظر وتأمل في الدليل .

فيكون هذا المتبع جعل قول الغير أو فعله قلادة في عنقه  .([7])

       ومن خلال التعريف تتضح أركان التقليد الثلاث : مقلِّد ومقلَّد و مقلد فيه .

    وصورة التقليد :

أن يقلد زيد (المقلِد ) عمرواً (المقلَد ) في طريقة كلامه الهابطة أو قصة شعرة (المقلد فيه)، معتقداً صحة ما يقوله و جمال ما يفعله ، وأن ذلك من التطور اللازم للشخص ليرتقي ويعلو في المجتمع ، دون أن يحكِّم عقله و ينظر ويتأمل ويبحث حول حقيقة هذا القول أو الفعل .

المطلب الثالث : المصطلحات ذات العلاقة :

       يستعمل التقليد في مصطلحات عديدة ،لا يتسع المقام لذكرها كلها ، لذا سأسوق في هذا المطلب عددا منها :

1= التقليد عند علماء الأصول يعرفون التقليد في كتبهم([8])  ، بما كان في عرف الفقهاء فيقولون : هو قبول قول الغير من غير حجة ولا دليل ،ويستعملونه في مسائل الاجتهاد والإفتاء  :

    أما في الاجتهاد فالتقليد فيه من وجهين :

-       تقليد المجتهد للمجتهد : فإن قلد المجتهدُ المجتهدَ مع غلبة  ظنه بالحكم ، حينها لا يجوز له تقليد غيره بالاتفاق ، أما إن كان متمكنا من الاجتهاد في بعض المسائل دون غيرها ، فالأظهر أنه كالعامي فيما لم يحصل له علمه ، فيجوز ، والله اعلم .

-        تقليد العامي للمجتهد :

      ما كان في الفروع من أحكام فقهية متعلقة بالصلاة أو الصيام أو الزكاة ونحو ذلك جائز إجماعا ،بل يجب عليه ذلك ، إذ أن المجتهد في الفروع بين الأجر والأجرين ؛أما العامي فلا حول له ولا قوة ، فإن ابتلاه الرب بحادثة ولم يثبت له الحكم حينها ،وكيف يثبت له الحكم وليس لديه الآلة المسوغة للاجتهاد ؟ وكم تلك المدة المستغرقة حتى يصير مجتهداً ؟ وقد لا يبلغ ذلك أبدا فيفوته .

     فلم يبقى للعامي إلا سؤال أهل النظر و العلم  بدليل قوله جل ثناؤه : ﴿فسألوا أهل الذكر إن كنتم لا تعلمون([9])  

     أما فيما يتعلق بالإفتاء : فقسم العلماء حكم تقليد العامي للمفتي بحسب حال المفتي إلى قسمين :

الأول : إن كان المفتي ممن يغلب على الظن أنه من أهل الاجتهاد ،  أو تلمح من سماته الدين والستر ، أو أخبر عنه عدل ، فهذا لا خلاف في جوازه ، لدليل السابق .

الثاني  : إن كان المفتي ممن يعرف بالجهل ، فهذا لا يجوز تقليده ، بالاتفاق -والله أعلم -وإن كان هناك خلاف في ذلك .

2=التشبه([10]) : هو تكلف الإنسان مشابهة غيره في كل ما يتصف به غيره أو بعضه من صفات معنوية وحسية ، قصدا منه .

       فيخرج بذلك ما كان من غير قصد من حركات جبليه من غير نية منه بالتشبه ، كشبه بعض أصوات الرجال بالنساء خلقةً ، والعكس .

       ويخرج من كان مكرهاً ، كأن أكره المسلم على الوشم ليظهر فسقه وشبهه بالكفار .

3=التمثيل ([11])، وما فيه من محاكاة وتقليد لأدق تفاصيل الحياة الواقعية والأسطورية ، من أمور دينيه متعلقة بقصص العهدين القديم والجديد ، وأخلاقيه تدور حول الصراع بين الخير والشر ، والهزلية  ، وغيرها الكثير ...

4= الإتباع([12]) ، وهو نوعان :

الأول : الإتباع مع الدليل ، وليس ذلك تقليدا ، لأنه فعل ما وجب عليه .

الثاني : الإتباع من غير دليل ، وهذا هو التقليد بعينه .

وقال ابن عبد البر في جامع بيان العلم : ( قال أبو عبد الله بن خويزمنداد البصري المالكي : التقليد معناه في الشرع الرجوع إلى قول لا حجة لقائله عليه ،...، والإتباع ما ثبت عليه حجة ، وقال في موضع آخر : كل من اتبعت قوله من غير أن يجب عليك قوله لا لدليل يوجب ذلك فأنت مقلده ، ...، وكل من أوجب عليك الدليل إتباع قوله فأنت متبعه ، والإتباع في الدين مسوّغ ، والتقليد ممنوع )

المبحث الثاني : حكم التقليد بحسب أنواعه :

    المطلب الأول : حكم التقليد المحمود ( الاقتداء ) :

    هو التقليد البصير الحسن ، الذي يختصر لصاحبه الطريق للوصول إلى قمة الارتقاء  في الدين والخلق والعلم .

      ولا يحصل ذلك إلا باتخاذ القدوة الحسنة في الحياة ، وهي كامنة في ما يصدر عن الرسول صلى الله عليه وسلم  من أقوال وأفعال  ، لذا سأسوق جملة من الأحكام المتعلقة بهما ، لمعرفة ما يؤخذ وما يترك :

        حكم أقواله صلوات الله وسلامه عليه :

      فهي حجة قاطعه ، وأصل من أصول التشريع الإسلامي ، بدليل قوله جل جلاله : ﴿ وما ينطق عن الهوى (3) إن هو إلا وحي يوحى (4) علمه شديد القوى ([13])

         حكم أفعاله الصادرة عنه فكثيرة و متنوعة ، وإليك تفصيل ذلك([14]) :

النوع الأول :حركاته و أفعاله الجبلية ، مما فطره الله عليها : كالقيام ،والقعود ،و حركة اليد أثناء المشي ونحو ذلك ، فهذا لا تأسي فيه ،والله أعلم.

النوع الثاني : أفعاله الصادرة على وفق العادات :كأحوال مأكله ،ومشربه ونحو ذلك من الأفعال الجبلية التي لم نتعبد بها ،فهذه الأفعال متفق على أنه تباح منا ومنه ،لأن ذلك لم يقصد به التشريع ،كما كان يفعل ابن عمر رضي الله عنه حيث أنه كان إذا حج يبرك ناقته حيث بركت ناقة الرسول تبركا بآثاره ، وشرط من أراد فعلها أن لا تكون على سبيل القربة ، أو العبادة .

 النوع الثالث : الأفعال المتعلقة بالعبادات إلا أنه لم يتبين أمرها ، وفيها خلاف إلا أن الصحيح -والله أعلم- أنها مستحبة لعدم وجود الدليل على الوجوب .

النوع الرابع :أفعاله المبينة لحكم مجمل ، أو المقيدة لحكم مطلق ، فحكمها حكم المبيّن ، فإن كان المبيّن واجبا فهو واجب ، وإن كان مندوبا فهو مندوب ، لأن البيان لا يتعدى رتبة المبيّن .

النوع الخامس : الأفعال المخصوصة به : كزواجه بعدد يزيد عن أربع و زواجه من امرأة بلا مهر ،فهذا لا يفعله غيره .

     حكم تقليد الصالحين من الناس :

         وأما الصالحين والكادحين في العلم فما يصدر منهم من أقوال فمناط ذلك الكتاب والسنة ،فما وافق قبلناه وما خالف رددناه ، إلا أننا نحاكي طرقهم في الكلام ،والكتابة ،والتدوين لما لديهم من العلم باللغة العربية ، كما أننا نستأنس بأقوالهم الجامعة ، و أمثالهم الواعظة – رحم الله من مات منهم وأسكنه فردوسه الأعلى ، وأعان من كان حيا منهم وأثابه  - .

       أما أفعالهم فهي على ضربين:

الأول :أفعال جبليه ، فطرهم الله عليها ، فهذه لا تأسي فيها ، لأننا لا نتأسى بأفعال رسولنا  الكريم ، فمن باب أولى عدم التأسي بهم .

الثاني : أفعالهم في العبادات الواجبة :كطريقتهم في برّ الوالدين ،وكذلك المستحبة المحفزة للغير على القيام بها ،من قيام الليل ،و طلب العلم حتى طلوع الفجر , وما يصدر عنهم عند المصائب والمحن و النوازل من الصبر وتحكيم العقل ،وغيره مما يعيننا بعد الله تعالى في حياتنا ،و نتعظ به .

المطلب الثاني :حكم التقليد المذموم :

      إن إتباع الغير من غير بحث عن دليل يدل على مشروعية إتباعه في الجملة ، أمر مذموم ، كالتشبه بالكفار – وهذا ما نحن بصدده - ، الذي وقع فيه رجال ونساء وأطفال وشيوخ ، غاصوا في بحوره و شعبه ، و تلبسوا هويته ومظهره ، وتخلقوا بأخلاقه ، و عملوا ببدعه ، وحركت ألسنتهم قوله ،استكبارا واستعلاءً من بعضهم  ،أو جهلا وظلاماً من بعضهم الآخر .

    لذا سأسوق حكم هذا النوع من التقليد ،ومدى فساده ،لتذكير من علم به وجحده  ، وتبصير من لم يعلم ، عسى أن يفتح الله على قلبه ويهديه إلى سبيل الرشاد ،ثم سأذكر تفصيلا مجملا له لبيان وتوضيح الصورة .

    إن التشبه بالكفار منهي عنه في الجملة ، بما ورد من نصوص شرعية من الكتاب المبين ، و السنة النبوية المطهرة ،بالإضافة إلى إجماع علماء الأمة الإسلامية ، وأخبار الأئمة المتواترة بالنهي عن التقليد ، والحجج العقلية التي ترد على مجوزيه ، وتفصيل ذلك كما يلي :

.*.الأدلة الدالة على النهي عن مشابهة الكفار من القرآن الكريم([15]) :

1= قوله عز جل ﴿ولن ترضى عنك اليهود ولا النصارى حتى تتبع ملتهم قل إن هدى الله هو الهدى ولئن اتبعت أهواءهم بعد الذي جاءك من العلم ما لك من الله من ولي ولا نصير([16])

   قال ابن تيمية ([17])– رحمه الله - : (( فانظر كيف قال في الخبر ( ملتهم ) وفي النهي  (أهواءهم) لأن القوم لا يرضون إلا بإتباع الملة مطلقا ، والزجر وقع عن إتباع أهواءهم في قليل أو كثير ، ومن المعلوم أن متابعتهم في بعض ما هم عليه من الدين : نوع متابعة لهم في بعض ما يهوونه أو مظنَّة لمتابعتهم فيما يهوونه )) .

2= لا شك أن الأمة ستتفرق إلى فرق شتى ، كما أخبر بذلك نبينا الكريم أن أمته ستتفرق فقال :« وتفرقت أمتي على ثلاث وسبعين فرقه » ([18]) ، إلا أنه نهى عن متابعتهم في التفرق والاختلاف ، كما نهى ربنا العزيز بقوله : ﴿ولا تكونوا كالذين تفرقوا واختلفوا من بعد ما جاءهم البينات ([19])

      قال شيخ الإسلام ابن تيميه :(( وهم اليهود والنصارى الذين افترقوا على أكثر من سبعين فرقة...،مع أن قوله لا تكن مثل فلان ، قد يعم مماثلته بطريق اللفظ أو المعنى ، وإن لم يعم دل على أن جنس مخالفتهم ، وترك مشابهتهم أمر مشروع ، ودل على أنه كلما بعد الرجل عن مشابهتهم فيما لم يشرع لنا كان أبعد عن الوقوع في نفس المشابهة المنهي عنها ، وهذه مصلحة جليلة )) .

3= المؤمنون عامةً مأمورون بطاعة الله ورسوله ، لقوله جل جلاله ﴿قل أطيعوا الله والرسول ([20])، وما يحصل من تشبه بالكفار ينافي تلك الطاعة – والله أعلم - .

.*. الأدلة الدالة على النهي عن مشابهتهم من السنة النبوية المطهرة([21]) :

1= عن أبي هريرة رضي الله عنه ، عن النبي صلى الله عليه وسلم : «لا تقوم الساعة حتى تأخذ أمتي مأخذ القرون ، شبراً بشبر ، وذراعا بذراع ، فقيل : يا رسول الله ، كفارس  الروم ؟ قال ومن الناس إلا أولئك ؟» ([22])

2= عن أبي سعيد الخدري رضي الله عنه قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : «لتتبعن سنن من كان قبلكم ، شبرا بشبر و ذراعا بذراع حتى لو دخلوا جحر ضب  تبعتموهم ، قالوا : يا رسول الله ، اليهود والنصارى ؟ قال : فمن ؟» .([23])

3= ما ورد عن ابن عمر رضي الله عنهما ، قال :قال عليه الصلاة والسلام :«من تشبه بقوم فهو منهم »([24]) وهذا صريح في النهي .

4= وقوله عليه الصلاة والسلام :«إن اليهود والنصارى لا يصبغون فخالفوهم» ([25])

.*. الإجماع على النهي عن مشابهة الكفار ، أو الأعاجم ، من عامة علماء الإسلام من المتقدمين والأئمة المتبوعين و أصحابهم .

.*. أخبار الأئمة الدالة على النهي عن موافقتهم ([26]):

       هذه الأخبار صحيح أنها ليست صريحة في النهي عن التشبه بالكفار ، إلا أنها تنهى عن التقليد الأعمى في الجملة .

1= حدث أبو يوسف بن إبراهيم عن أبو حنيفة ([27])قال :( لا يحل لأحد أن يفتي بقولنا ما لم يعلم الدليل من أين قلناه ) ، قال الفلاني ( ومعنى قوله من أين قلناه : أي ما لم يعلم دليل قولنا وحجته ، وفي هذا إشارة إلى أنه لا يبيح  لغيره تقليده فيما يقول بغير دليل ) ، دل قوله –رحمه الله- على أنه لا يحل لأحد أن يقلده من غير الدليل، فمن باب أول أنه لا يحل لأحد أن يقلد غيره من غير دليل .

2= قال الزني - صاحب الشافعي([28]) – في أول مختصره : ( اختصرت هذا الكتاب من علم محمد بن إدريس الشافعي ، ومن معنى قوله ، لأقربه على من أراده مع إعلامية نهيه عن تقليده وتقليد غيره ، لينظر فيه لدينه ، ويحتاط فيه لنفسه ) ، وذلك صريح في النهي.

3= وقال الإمام مالك([29]) – رحمه الله - : (ليس أحد بعد النبي صلى الله علية وسلم يؤخذ من قوله ويترك إلا النبي صلى الله عليه وسلم ) ، وهذا تحذير من التقليد.

4= وقال الأمام أحمد ([30])–رحمه الله - : (من رد حديث رسول الله صلى الله عليه وسلم فهو على شفا هلكة ) ، والمقلِّد إذا قلّد من غير دليل ، وقع في المهلكة ، لرده الدليل ،الذي منه حديث رسولنا الكريم ، وعدم بحثه عنه.

.*. كما احتج العلماء بحجج عقلية على من أجاز التقليد ([31]):

        قال المزني :(يقال لمن حكم بالتقليد : هل لك حجه فيما حكمت به ؟ فإن قال : نعم ، بطل التقليد ، لأن الحجة أوجبت ذلك عنده لا التقليد ، وأتلفت الأموال ، وقد حرم الله ذلك إلا بحجة ؟ قال الله عز وجل : ﴿إن عندكم من سلطان ) . ([32])

       أما التفصيل المجمل لحكم التشبه بالكفرة الفجرة ، فهو مقسم إلى ثلاثة أقسام بحسب أعمالهم على النحو التالي([33]) :

 القسم الأول : ما هو مشروع في ديننا ، وهم يفعلونه ، فهذا كصوم يوم عاشوراء ، فقد قدم النبي صلى الله عليه وسلم المدينة ، واليهود تصوم عاشوراء ، فقالوا : هذا يوم ظهر فيه موسى على فرعون ، فقال النبي صلى الله عليه وسلم لأصحابه : « أنتم أحق بموسى منهم ، فصوموا »([34])، فهنا تقع المخالفة في صفة ذلك العمل ، كما أمرنا بتعجيل الفطر وتأخير السحور مخالفة لهم ، ونحو ذلك من العبادات .

القسم الثاني :ما كان مشروعاً  ،ثم نسخه شرع القرآن ،وهذا كالأعياد التي كانت مشروعة  لهم ،وروى أنس بن مالك رضي الله عنه قال : قدم رسول الله المدينة ،ولهم يومان يلعبون فيهما ، فقال : ما هذان اليومان ؟ قالوا:كنا نلعب فيهما في الجاهلية ، فقال رسول الله : « إن الله أبدلكم بهما خيراً منهما : يوم الأضحى ، ويوم الفطر ».([35])

القسم الثالث : ما لم يكن مشروعاً بحال ، وإنما أُحدث من قبلهم ، من العبادات والعادات ، وقد وصفه شيخ الإسلام ابن تيميه بالقبح ، وأنه من البدع المحدثة ، وأخبرنا رسولنا عنها فقال :«شر الأمور محدثاتها ، وكل بدعة ضلاله » ([36])

   ولهذا القسم تفصيل ذكره شيخ الإسلام ، في أن مشابهة غير المسلمين فيما ليس من شرعنا قسمان :

الأول :مشابهتهم مع العلم بأن هذا العمل من خصائص دينهم ، وهذا لا شك في تحريمه ، كمشابهتهم في أعيادهم  ، كعيد رأس السنة ، وقد يصير كفراً بالله الجبار – والعياذ بالله – كتقليد بعض الشباب الكفرة في عقيدة التثليث ، وعبادة الشيطان .

الثاني : مشابهتهم مع عدم العلم أنه من أعمالهم ، وهذا نوعان :

أحدهما :ما كان في الأصل مأخوذاً عنهم ، مثل ما يصنعونه يوم الميلاد ونحوه ، فإنهم قد نشؤوا على ذلك ،من تقليد الأبناء للآباء ، قال تعالى :﴿و إذا قيل لهم اتبعوا ما أنزل الله قالوا بل نتبع ما ألفينا عليه آباءنا أولو كان آباؤهم لا يعقلون شيئا ولا يهتدون([37])  ، فأكثرهم لم يحصل له العلم بمبدئها ، فهذا يعرّف بالحكم  ، فإن لم ينته صار من القسم الأول – نسأل الله العافية- .

الثاني : ما ليس من الأصل مأخوذ منهم ، لكنهم يفعلونه ، فهذا ليس فيه محذور المشابهة ،إلا أن الحكم موقوف على الدليل الشرعي، ولكن قد تفوته منفعة المخالفة ، إن لم يكن في تركه ضرر ، والله أعلم .

        

 

 



([1]) انظر مختار الصحاح ، لشيخ محمد الرازي (458) ، و القاموس المحيط ، لفيروز آبادي (312).
([2])  انظر تاج العروس ، لذبيدي  (ج2،ص:474).
([3])  انظر لسان العرب ، لابن منظور  (ج11، ص :276).
([4])  المائدة : 2
([5])  أخرجه أبو حاتم الرازي من رواية أبو وهب الحشمي ، العلل لابن أبي حاتم ، (ج3 : ص406) ، ومراده :أي قلدوا الخيل طلب أعداء الدين والدفاع عن المسلمين ، ولا تقلدوها طلب أوتار الجاهلية وذحولها التي كانت بينكم ، و
خلاصة درجة الحديث : أن أبو وهب ليس له صحبه .
([6])  انظر مذكرة أصول الفقه ، لمحمد الشنقيطي  (373).وروضة الناظر ، لابن قدامه (ح3 ،ص: 1016)
([7]) انظر التعريفات ، للجرجاني (63) .
([8]) انظر روضة الناظر ،لابن قدامه (ح3،ص: 1016-1021) ، و المذكرة ، لشنقيطي (373-374) ، وأصول الفقه لشمس الدين المقدسي (ج4 ،ص 1539-1544).
([9])  النحل :43
([10])  انظر مجلة الجندي المسلم  ، عدد (102) من السنة الثالثة ، (31) .
([11])  انظر الموسوعة العربية العالمية 0(ح 23، ص : 245 ، 248 ،249 )
([12])  انظر المدخل إلى الشريعة والفقه الإسلامي لـ أ.د.عمر الأشقر ،(336)
([13])  النجم : (3-5)
([14])  انظر إتحاف ذوي البصائر بشرح روضة الناظر ،لـ أ.د. عبدا لكريم النملة ( ح2 ، ص: 1142-1144).
([15])  انظر اقتضاء الصراط المستقيم ، لابن تيميه ، (19 ،20 ، 26)
([16])  البقرة : 120
([17])  هو سيخ الإسلام ،أبو العباس ، أحمد بن عبد الحليم بن عبد السلام بن عبد الله بن تيمية الحراني ثم الدمشقي الحنبلي ، ولد بحران سنة ( 661هـ / 1263 م ) ، حفظ القرآن من صغره ، وانصرف إلى طلب العلم ، كان واسع المعرفة ومن المكثرين من التأليف ، من أهم مصنفاته : درء تعارض العقل والنقل ، وكتاب الاستقامة ، وغيرها كثير، توفي بسجن دمشق صابراً محتسبا ً ، سحر ليلة الاثنين في العشرين من ذي القعدة سنة (728هـ / 1328م ) ، وللمزيد انظر موسوعة الرواد ، ( ج 23، ص32) .
([18])  حدث به الألباني ، صحيح الترمذي ،( 2640).
([19])  آل عمران : 105
([20])  آل عمران : 32
([21])  انظر اقتضاء الصراط المستقيم ، لابن تيميه ، (11)
([22])  أخرجه البخاري من رواية أبي هريرة ،  الجامع الصحيح ،(7319).
([23])  أخرجه البخاري ، الجامع الصحيح ، ( 7320) .
([24])  أخرجه أبو داود من رواية عبد الله بن عمر ، سنن أبي داود ، (4031) ، وخلاصة درجته : سكت عنه ، وكل ما سكت عنه فهو صالح .
([25])  أخرجه البخاري ، الجامع الصحيح ، (5899) ، و مسلم ، المسند الصحيح ، (2103) ، وأبو داود ، سنن ابي داود ، (4203) ، وأبو حاتم الرازي ، العلل لأبن أبي حاتم ، (ج2 : ص 369 )
([26])  انظر المدخل إلى الشريعة و الفقه ، اـ أ.د. عمر الأشقر ، (330-332) .
([27])  هو أبو حنيفة النعمان بن ثابت بن المرزبان ، التيمي بالولاء ، الكوفي ، فقيه الملة ، وعالم العراق ، ولد بالكوفة سنة ( 80 هـ / 696 م ) في حياة صغار الصحابة ، ورأى أنسا لما قدم عليهم الكوفة ، كان يبيع الحرير ويطلب العلم في صباه ، ثم انقطع للعلم ، فحفظ القرآن ، وله من المؤلفات الكثير ، منها : الفقه الكبير ، والعالم والمتعلم  ، توفي بالحبس شهيدا في النصف من شوال ، سنة ( 150 هـ /767م ) ، وللمزيد أنظر موسوعة الرواد ( ح23:ص52) .
([28])  هو أبو عبد الله ، محمد بن إدريس بن العباس بن عثمان بن شافع القرشي المطلبي ، فقيه السنة الأكبر ، وناصر الحديث ، وأحد أئمة المذاهب الأربعة ، ولد بغزة سنة ( 150هـ./ 767 م ) في السنة التي توفي فيها الإمام أبو حنيفة ، حفظ القرآن وهو ابن سبع سنين ، ثم اختلف إلى العلماء وسمع منهم ، كان يعد من أدباء العربية وكتابها ، من أشهر مؤلفاته : الرسالة ، توفي ليلة الجمعة ، آخر يوم من رجب سنة (204هـ 820 م) ، للمزيد أنظر موسوعة الرواد ( ج23 : ص80) .
([29])  هو الإمام مالك بن أنس بن مالك بن أبي عامر الأصبحي الحميري القحطاني ، إمام دار الهجرة ، وعالم المدينة ، وأحد أئمة المذاهب الأربعة ، ولد في ذي المروة شمالي المدينة سنة ( 93هـ / 712م ) ، استنهضه أبوه للعلم وهو ابن اثنتي عشرة سنة ، حفظ القرآن على نافع ، اشتهر بنبوغه في الفقه ، ومن أشهر كتبه في ذلك : المدونة ، والواضحة ، توفي -رحمه الله – يوم الأحد لعشر خلون من ربيع الأول سنة ( 179هـ / 795م ) ، وللمزيد أنظر المصدر نفسه ، ( ج24 : ص 164) .
([30])  هو شيخ الإسلام ،أبو  عبدا لله ، أحمد بن محمد بن حنبل بن هلال الشيباني المروزي البغدادي ، أحد أئمة المذاهب الأربعة ، ولد في بغداد سنة ( 164هـ/780م) ، بدأ في طلب العلم وهو ابن خمسة عشر سنة ،كان إماما في الحديث وفقيها كبيرا ، من أشهر مؤلفاته : المسند ، توفي ببغداد يوم الجمعة ، في الثاني عشر من ربيع الأول سنة ( 241هـ / 855م )، وللمزيد انظر المصدر نفسه ، ( ج23 : ص 12) .
([31])  انظر المصدر نفسه ، المكان نفسه .
([32])  يونس :68
([33])  انظر اقتضاء الصراط المستقيم ، لابن تيميه ، (154، 155 ،191)
([34])  أخرجه البخاري من رواية عبد الله بن عباس ، الجامع الصحيح ، (4680) .
([35])  رواه أبو داود ، سنن أبي داود ، (1134) ، درجته : سكت عنه وما سكت عنه فهو صالح .
([36])  أخرجه مسلم ، المسند الصحيح ، (867)
([37])  البقرة : 170

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق